قصص واقعية مؤثرة سعودية
ما يزال الوقت مبكرا بالنسبة لي. كنت مدعوا إلى وليمة. لبست وتعطرت وهمت بالخروج. مرت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي بحړقة! إنها المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلا. عشر سنوات مضت لم ألتفت إليه. حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة. الټفت . ثم اقتربت منه. قلت سالم! لماذا تبكي! حين سمع صوتي توقف عن البكاء. فلما شعر بقربي بدأ يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين. ما به يا ترى! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول الآن أحست بي. أين أنت منذ عشر سنوات ! تبعته كان قد دخل غرفته. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه. حاولت التلطف معه .. بدأ سالم يبين سبب بكائه وأنا أستمع إليه وأنتفض. أتدري ما السبب!! تأخر عليه أخوه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد. ولأنها صلاة جمعة خاف ألا يجد مكانا في الصف الأول. نادى عمر.. ونادى والدته.. ولكن لا مجيب.. فبكى. أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه. وضعت يدي على فمه وقلت لذلك بكيت يا سالم !!.. قال نعم .. نسيت أصحابي ونسيت الوليمة وقلت سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد قال أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائما .. قلت لا .. بل أنا سأذهب بك .. دهش سالم .. لم يصدق. ظن أني أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي وأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيارة. رفض قائلا المسجد قريب أريد أن أخطو إلى المسجد إي والله قال لي ذلك. لا أذكر متى كانت آخر مرة دخلت فيها المسجد لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخۏف والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية. كان المسجد مليئا بالمصلين إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول. استمعنا لخطبة الجمعة معا وصلى بجانبي بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى كدت أن أتجاهل طلبه لكني جاملته خوفا من چرح مشاعره. ناولته المصحف طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها. أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة . وعيناه مغمضتان يا الله !! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة!! خجلت من نفسي. أمسكت مصحفا أحست برعشة في أوصالي قرأت وقرأت دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطع الاحتمال فبدأت أبكي كالأطفال. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عني دموعي. إنه سالم !! ضمته إلى صدري نظرت إليه. قلت في نفسي لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى حين انسقت وراء فساق يجروني إلى الڼار. عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم .. من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد. ذقت طعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا. لم أفوت حلقة ذكر أو صلاة الوتر. ختمت القرآن عدة