وبقى منها حطام انثى منال سالم
تدخل عليا كده
برقت عينيه بشرر مخيف وهو يرد عليها بنبرة حادة
جرى ايه يا حلوة مش إنتي مراتت ولا أنا غلطان !
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تهمس برجاء
لو سمحت أنا محتاجة آآ...
قاطعها وهو يهجم عليها مطوقا إياها من خصرها بذراعيه وكأنها فريسة قد وقعت في شباكه
أنا مش قادر أصبر أكتر من كده
حاولت إيثار دفعه بقبضتيها من صدره وقد بدى النفور واضحا على تعابير وجهها وتوسلت له بنبرة مخټنقة
قاطعها قائلا بهمس فحيح وهو يحاول تقبيلها رغما عنها على وجنتها
تاخدي عليا ! هو احنا لسه هنتعرف ده انتي مراتي !
أغضبه بشدة نفورها منه وهتف وهو يصر على أسنانه بغلظة
الظاهر إن حبيب القلب لسه في بالك !
ارتعدت من أسلوبه العڼيف ومن نظراته الممېتة المسلطة نحوها وتحركت شفتيها قائلة دون أن تنطق
وكأنه قرأ ما قالته في صمت فإهتاج بشدة وزاد عنفه نحوها وهو يصيح پجنون
أنا هاعرفك مين هو محسن ! إنتي مش متجوزة عيل !!!!
انتي ليا وبس !
جاهد ليمحو طيف صورتها التي تتشكل أمامه بين الفنية والأخرى وكأنها تتعمد إلهاب جرحه ..
ابتلع ريقه بصعوبة وحبس أنفاسه في صدره ليهدأ من تلك النيران المستعرة بداخله ..
مالك يا مالك أنا أهوو
صوت تردد بنبرة مرتفعة أثار انتباهه وجعل رأسه يدور في أغلب الاتجاهات بحصا عن صاحبه ..
وبالفعل وقعت أنظاره على رفيقه نادر ..
ابتسم له ابتسامة مجاملة وتحرك صوبه
التوى ثغره بإبتسامة خفيفة وهو يسأله
أجابه نادر بنبرة مفعمة بالحيوية وهو يجر حقيبة سفره من حاملها
الحمدلله قولي ايه الأخبار معاك والرحلة كانت عاملة ازاي
رد عليه بنبرة مرهقة وهو يعلق حقيبته الأخرى على كتفه
الحمدلله ماشي الحال
وكأن رفيقه قد رأى لمحة الحزن المتجسدة في عينيه فسأله متوجسا
في ايه مالك انت شكلك مش آآآ...
متخدش في بالك ده بس من تعب السفر
أومأ الأخير برأسه موافقا وهو يضيف
أها .. عندك حق برضوه السفر بالمركب بيتعب يالا بينا هوديك عند بيتي تغير هدومك وتاكل وترتاح
ماشي
ثم تحرك الاثنين في إتجاه إحدى السيارات المصفوفة خارج الميناء ليستقلاها بعد أن وضع نادر الحقيبتين في صندوقها ..
ولم تمنع شهقاتها من الظهور ..
بقت لفترة في المرحاض حتى زاد وهنها فأغلقت الصنبور وخرجت منه وهي تلتف بروبها القطني ..
لم ترغب في العودة إلى غرفة نومها ..
أرجعت رأسها للخلف وأغمضت عينيها وهي
.......................................
انتهى مالك من ترتيب متعلقاته الشخصية في خزانة الملابس بغرفته في منزل رفيقه نادر ..
ذلك الرفيق الذي ندر وجوده في
تلك الأيام ..
كان عرضه سخيا بحق .. فرصة عمل مميزة من وجهة نظره بإحدى شركات الإستيراد والتصدير متعددة الجنسيات والتي يعمل بها كمدير تنفيذي ..
لم يستطع الرفض خاصة وأنه كان يحتاج إلى مكان يبعد فيه عن كل ما يتعلق بالماضي المؤلم ..
أراد فرصة ليبدأ فيها من جديد ..
فرصة تتيح له الوقت ليلملم شتات نفسه ويستعيد هويته التي ضاعت بخيانتها ..
إيثار .. مازال صدى اسمها يتردد في أذنيه وطيف ضحكاتها الناعمة تداعب قلبه ووميض نظراتها الباسمة تسيطر على عقله ..
غمازتيها .. تلك العلامتين التي طالما أسرته ..
إيماءة رأسها وإلتواءة شفتيها وهي عابسة ..
كم
تنهد بعمق لأكثر من مرة محاولا إبعادها بيأس عن ذاكرته ..
ظل يذكر نفسه مرارا أنها لم تعد له هي خائڼة العهود هي التي إرتضت بغيره لأنها أقدر ماديا وأوهمته الحب .. فتركته يقاسي بمفرده في غربة موحشة ..
فردد مع نفسه إحدى قصائد نزار الشعرية مواسيا روحه
وما بين حب وحب
أحبك أنت
وما بين واحدة ودعتني
وواحدة سوف تأتي
أفتش عنك هنا وهناك
كأن الزمان الوحيد زمانك أنت
كأن جميع الوعود تصب بعينيك أنت
فكيف أفسر هذا الشعور الذي يعتريني
صباح مساء
.....................................
مد محسن ذراعه وهو شبه غاف إلى جواره ليتلمس زوجته الجميلة فوجد مكانها خاويا وباردا ففتح عينيه فجأة .. وضاقت نظراته المنزعجة وهو يفتش عنها سريعا ..
اعتدل في نومته وحك مؤخرة رأسه ثم تثاءب ونهض بتثاقل من على الفراش ..
جرجر قدميه وهو يتحرك للخارج ..
في ايه شوفتي عفريت !!!!
أنا .. انت آآ...
كانت ملامح وجهها عابسة للغاية نظراتها شاردة ..
تشعر بإشتياق إلى ابنتها الوحيدة رغم أنها لم تفارقها إلا بالأمس ..
رأها عمرو على تلك الحالة الواجمة فاقترب منها وسألها متعجبا
ايه اللي مضايقك
ردت عليه بإقتضاب
مافيش !
أدرك عمرو دون أن تنطق والدته أن سبب حزنها هو شقيقته فإبتسم قائلا بمرح
شكل البت إيثار وحشتك
ردت عليه بصعوبة وهي تحاول منع عبراتها من الإنهمار
اسكت ياعمرو قطعت بيا !
لف ذراعه حول كتفيها وقبل أعلى رأسها وهو يضيف بتحمس
ياماما هي لحقت ده تلاقيها متهنية مع محسن ومتمرمغة في العسل !
تنهدت تحية قائلة بتمني
يا ريت يا بني لأحسن قلبي واكلني عليها أوي !
قومي يا حلوة جاهزيلنا بايديكي الطعمين دول لقمة ناكلها قبل ما نتوكل على الله ونسافر !
لم تعقب عليه بل إكتفت بالنظر إليه شزرا وهي تعيد غلق روبها بيدين شبه مرتعشتين ..
هي ليست كأي عروس سعيدة بزواجها .. هي تعاني بمرور اللحظات وهي في أحضان ذلك السمج المقيت الذي تبغض اقترابه منها ..
وها هو ېحطم فيها مشاعر الود والألفة من جديد ..
لم يدفعها لحبه بالرفق واللين بل تجاهل مشاعرها تماما وكأنها مجرد وعاء ينفث فيه طاقاته المكبوتة قاټلا فيها أي إحساس بالحب والرغبة ...
أعدت تحية وجبة الطعام للعروسين وأضافت عليها الكثير من الفاكهة والحلوى
تأمل رحيم تلك الأكياس البلاستيكية بنظرات ممعنة وتساءل قائلا بجدية
خلصتي يا تحية
أجابته بنبرة شبه مرتفعة وهي تلج من المطبخ
أيوه يا حاج مش ناقص بس غير احطلها العصير
هز رأسه بحركة خفيفة وهو يضيف بتنهيدة حزينة
ماشي ابقي سلمي عليها أوي
بادلته ابتسامة هادئة وهي تقول
يوصل يا حاج !
هتف عمرو بنبرة عالية وهو يقف مستندا بجسده على باب المنزل
يالا يا ماما عشان ألحق أوصلك
ردت عليه بصياح
حاضر هاربط الطرحة وأجيلك يا عمرو !!
طيب أنا هاخد الشنط وهاسبقك على تحت
ماشي يا بني
وبالفعل أمسك عمرو بالأكياس البلاستيكة وخرج من المنزل وأغلق الباب خلفه لينزل