الجمعة 29 نوفمبر 2024

رواية وبقي منها حطام أنثى بقلم منال سالم و ياسمين عادل

انت في الصفحة 32 من 60 صفحات

موقع أيام نيوز


النور و.. وكنت عايزة حاجة تثبت كلامي عشان آآآ....
بادر الطبيب قائلا بثبات وهو يوميء برأسه متفهما تقاضيه بيها! يعني تقدميها للمحكمة صح كده !
تحول وجه إيثار للوجوم وظهرت في نظراتها وخلف جفنيها روح الإنتقام والعدائية واجابته بمرارة 
ايوة عايزة تقرير طبي بحالتي كاملة وآآ.. يا ريت . لو .. لو أمكن ت .. توضح الضرر اللي آآ...

ماشي انا هعملك تقرير طبي وافي فيه حالتك وحالة الجنين اللي نزل .. وهيكون مفصل فيه آثار الكدمات
والخدوش اللي بسببها خسړتي الجنين يعني هعملك تقرير تاخدي بيه حكم من أول جلسة لوقوع ضرر عليكي !
وكأن بريق الأمل قد تراقص في مقلتيها الدامعتين فتابع بحسم 
انا عندي اخوات بنات زيك كده وقريبين من سنك واللي شوفته فيكي محبش اشوفه في اهل بيتي يا مدام ولا في حد أعرفه وعشان كده هساعدك متقليش !
ضغط بكلماته على چرح علاقتها مع أخيها ..
_ فابتلعت حديثه الذي آثار ذاكرتها نحو فعلة أخيها أخيها الشقيق الذي زج بها للتهلكة ودهس مشاعرها بنعل حذاءه قبل أن يتركها خلف ظهره ويمضي 
_ وكانت تلك هي أولى خطوات الخلاص منه ..
لم تكل أو تمل فلم يعد هناك جدوى من البقاء مع من إرتضى أن يخدعها وېهينها من أجل الظفر بطفل ذاك الطفل الذي لم يقدر له الحياة ..
مرت الشهور عليها وهي تنتظر حكم المحكمة القضائي بالطلاق منه لوقع الضرر وكأنها أدهر كان محسن في مناصفتها منذ الجلسة الأولى ورفض تطليقها ولكن قضت المحكمة بحكمها وحصلت في النهاية على حريتها .. ولم تكتف بذلك فقط بل أرادت تأمين حياتها لذا لجأت إلى هيئة النيابة الموقرة لتحرر محضرا ضده بعدم التعرض لها بأي شكل كان. 
_ ومنذ أن حصلت على حريتها مرة أخرى تركت ما مضى خلف ظهرها وتخلت عن التقاليد والعادات وقررت الرحيل عن أسرتها وقامت بمتابعة سير العملية التعليمية خاصتها بمفردها .. أجل بمفردها ...
_ حيث أقامت بالسكن الدائم المسمى بدار المغتربات في محافظة الأسكندرية واستغلت بطاقة هويتها والمدون بها محل إقامتها بالقاهرة حتى تضمن موافقة مسئولي الدار على انضمامها لقائمة القاطنات بها ..
وبالفعل وفقت في ذلك وسكنت الدار طوال ما تبقى من فترة دراستها .. ما يقرب من العامين والنصف . 
_ ومن بعد ذلك وأمام رغبة والدتها الملحة طوال هذه المدة للعودة لمنزل أسرتها .. عدلت نوعا ما عن رأيها و تخلت عن تعندها وعادت لمنزل أبيها لتسكن حجرتها گغريبة عنهم .. 
تشاطرهم المكان لكنها لا تشاطرهم ما يخصها ..
قلت التعاملات بينها وبين أخيها وأبيها وأصبحت نادرة بدرجة واضحة..
كانت تضع عملها ودراستها في المقام الأول لها ..
_ نعم لقد عرضت عليها إحدى زميلاتها بالدار العمل گمربية وجليسة للأطفال لواحد من أفضل المكاتب الأسرية التابعة لوزارة التضامن الإجتماعي مقابل الحصول على راتب مجزي فوافقت عليها إيثار بعد تفكير متأني ..
هي أرادت الإستقلال الخروج من الحيز الضيق الذي فرض عليها ..
وبالفعل وجدت في تلك الوظيفة مؤنس لها ومساعد لقضاء وقت فراغها وسط الكائنات الصغيرة الملائكية والتي تعشقهم عشقا من نوع خاص ...
وبعد أن أتمت دراستها كان من المفترض أن تترك تلك الوظيفة وتتقلد وظيفة أخرى تناسب مجال دراستها ولكنها رفضت ذلك وتخلت عن أحلامها فقد تعلق فؤادها بالأطفال وأحبت مهنتها حبا جما ...
............................................
إيثار 
_ عادت هي إلى أرض الواقع على صوت أخيها الذي هتف مناديا بإسمها ...
.. أشاحت بصرها ووجهها بعيدا عنه وهي تنبذ اقترابه منها ثم نطقت بتذمر واضح في نبرتها 
خير !! اي الحاجة الكبيرة اوي اللي حصلت وخليتك تيجي بنفسك هنا !
ضغط عمرو على شفتيه وأجابها وهو يبتلع أسلوبها الفظ في الحديث معه 
بابا ياإيثار تعبان أوي ولسه الدكتور نازل من عندنا من شوية .. لازم تيجي تشوفيه يا إيثار ده طلبه !
_ ابتسمت من صدره حجر صوان بعد أن رأى الوهن داخل مقلتيها فأجفل بصره بندم بين ثم نطق بصوت خفيض 
تلات سنين ومنسينيش مكانش قلبك أسود كده ياإيثار
ابتسمت بسخرية مريرة وقد ظهرت علامات الإستنكار على وجهها وهتفت بحنق 
أسود!! هو في أسود من الأيام اللي عيشتها بسببكوا شبابي ضاع وانا لسه
مكملتش 25 سنة .. حاسة اني ست عجوزة مكرمشة من كتر القهر اللي شوفته وحسيت بيه جاي تقولي اسود !!!!!
_ تحسست ذراعيها بكفيها وكأنها تتذكر
لمسات طليقها المقززة على جسدها ..
ارتجفت أوصالها وهي تتذكر قسوته في معاملتها والخدعة التي سقطت أسفلها وما كانت له سوى وسيلة رخيصة للوصول لمبتغاه الطامع والغير عادل ..
انتفضت پذعر وهي تقاوم أبشع اللحظات في علاقتهما الحميمية التي أجبرت عليها ثم أطبقت جفنيها وهي تذكر قائلة 
لسه فاكرة كل حاجة قڈرة كان بيعملها حتى كلامه الژبالة اللي
شبه وطريقته الشوارعية .. كل حاجة مغابتش عن بالي !
بدى التأثر على وجه عمرو فهو لم يهنأ من ضميره الذي لامه بشدة على فعلته ..
مد يده بحذر نحوها وربت على ذراعها بحنو وقد أثارته كلماتها فرد عليها بحذر 
كل حاجة أنتهت وخلصت ياإيثار وبقالك أكتر من سنتين ونص حرة .. انسي و عدي كل حاجة وارميها ورا ضهرك انسي !!!
ردت عليه إيثار وقد سبقت عبارتها الساخرة قهقهه عالية 
حاضر هنسي اصلي ماشية بالريموت ! بمزاجكم أفتكر ووقت ما تعوزا مني أنسى هانسى !
_ جذبت نظارتها من يده الأخرى ثم نهضت عن جواره وأشارت له بعينيها لكي يفسح لها المجال حتى تطوي المقعد الخاص بها ففعلت ما أرادت دون أن ينطق ووقف قبالتها ليكون حائلا بينها وبين المقعد ثم أردف بنبرة جادة 
إيثار لو لسه ليا عندك ولو شوية معزة لازم تيجي معايا وتقعدي مع بابا بابا بېموت ياإيثار .. أرجوكي
_ حدجته بطرف عينها بنظرات قاسېة فتوسل لها برجاء أكبر ..
أطرقت هي رأسها بإستسلام وردت عليه بتنهيدة عميقة 
ماشي
تهللت أسارير عمرو و انفرج ثغره بفرحة جلية وهو يهتف بحماس بعد موافقتها العسيرة 
يبقى يلا بينا وانا هشيلك الكرسي بنفسي ياستي 
_ لم تبد اهتماما بما قاله بل تحركت للأمام وقام هو بطي المقعد ولاحقها بخطوات أشبه للركض حتى أصبح جوارها في سيرها ...... 

_ كان الكبر قد ظهر على تجاعيد وجهه وقد جعل المړض منه كهلا كبير السن وكأنه أضعاف عمره .. 
منذ زمن لم تنظر هي لوجه أبيها رحيم تشعر وكأنه تغير كثيرا فتحول من الرجل الحاد الطباع الذي اعتادت عليه ليظهر أمامها عجوزا واهنا ضعيفا لاحول له ولا قوة ..
وهي لم ترد أن تظهر ما تكنه أمامه .. فعقلها أجبرها على الصمود اظهار القسۏة .. هي لم ولن تنسى فعلته بحقها .. وما زاد من الأمر سوء هو عدم مواجهته لها بشناعة فعله حتى هذا اليوم .
لذا حافظت على اقتضاب حديثها وعبوس ملامحها أمامه ..
_ ولكن وبدون سابق إنذار .. شعر رحيم بملك المۏت يحوم حوله منتظر لحظة قبض روحه فقرر التنازل عن قسۏة طبعه والانصياع أمام خطئه .. حيث سد جوعه بالنظر إليها وهتف بصوت ضعيف ولهجة معاتبة لعلها تشعر به 
كده يا إيثار!! بقالي كتير تعبان ومستنيكي تسألي عني يابنتي .. بس انتي مسألتيش 
ردت إيثار بثبات وجدية وهي تتحاشى النظر إليه 
الف سلامة عليك
_ وضعت تحية كفها على جبهته تتحس حرارته التي أخذت تنخفض ثم ربتت على كتفه وهي تحاول تخفيف الأوضاع وحدتها لدى الأب وابنته 
إيثار كانت مشغولة اوي اليومين اللي فاتوا ياحج ماانت عارف شغلها واخد كل وقتها
أضاف عمرو قائلا وهو يبتسم لوالده بعاطفة ولما عرفت جت ومتأخرتش ياحج !
سيبونا لوحدنا 
_ هتف رحيم بعبارته بملامح خالية من المعاني ثم أشار بعينيه للخارج 
ترددت تحية في فعل هذا ورغم ذلك حسمت رأيها وظنت أنه ربما يكون السبيل لكسر الحواجز التي بنيت بينهما ولعل هذا الحوار والجلسة  عشان مش بخليكي تنقيه بنفسك زي عمرو وآآآ...
قاطعته إيثار وقد ظهر التجهم على قسماتها وزادت عدائيتها 
لبس العيد كنت بشتريه كل سنة ولو معجبنيش في مرة كان بيعجبني في التانية .. انما الجواز بيبقى مرة تعيش عليه العمر كله ولا كنت فاكره قابل للتبديل والتغيير 
_ لم يطرق رأسه أو يبعد بصره عنها بل بعث لها كم الندم الذي يحمله على عاتقه منذ ثلاث سنوات وحتى هذا الحين من خلال نظراته

النادمة وتعابيره الأسفة ..
استشعرت صدق نظراته ولكن عقلها رفض الإستسلام والعفو عنه ..
عارف اني ظلمتك لكن كل اللي كان شاغلني الناس وكلامهم مكنتش هطيق حد يجيب سيرتك بكلمة يابنتي
كانت إيثار على وشك مقاطعته ولكنها أشار لها بكفه لتصمت وتابع بجدية 
اسمعيني يابنتي انا اب وانتي عمرك ما هتفهمي كلامي ولا احساسي انا عمري ما تمنيت في الدنيا غير سعادتك انتي واخوكي .. حتى لو كان اسلوبي غلط !!!
اخذ شهيقا عميقا ثم زفره على مهل وتابع بكلمات مؤثرة وقعت على حواسها وقعا مثيرا 
عدت سنين وكلامي مش هيفيد بس محبش اني اموت وسايب حته مني زعلانة مني يابنتي سامحيني ياإيثار 
_ حدقت به غير مصدقة ما سمعته للتو وحالة الذهول مسيطرة عليها فهز رأسه للتأكيد ثم كرر كلمته وهو يقول بجدية تحمل الندم 
ايوة زي ما سمعتي انا بطلب منك لأول مرة تسامحيني على اي حاجة يابنتي !
_ زحزح جسده ليهبط أسفل الغطاء ثم أراح رأسه على الوسادة وسلط بصره على سقف الحجرة . 
_ في هذا الحين كانت تقف تحية وأطرافها ترتعش من وراء الباب لتستمع لحديثهما إلى أن اختفى الصوت فجأة فرفعت رأسها للسماء وفتحت كفيها وهي تنطق بتضرع 
وحياة حبيبك النبي يارب حنن قلب بنتي وأرضيها وأسعدها
 

31  32  33 

انت في الصفحة 32 من 60 صفحات