غيوم ومطر
فريده كان لابد وان يتخذ الاجراء الاسرع ...اتجه اليها وصفعها بقوه ثم امسكها من كتفيها بحنان ...كانت مصدومه وهو يحدثها لكنها توقفت عن الصړاخ لا وقت حتى للاعتذار او للتبرير قال في لهجه صارمه اعادت اليها عقلها رشا...اجمدى واعملي حاجه مفيده ...شوفي أي حاجه اعلق عليها المحلول ...
صڤعته اعادتها الي ارض الواقع فقاومت دموعها التى تمنعها من الرؤيه واتجهت فورا الي غرفة نومها واحضرت شماعة الملابس التى تصلح لتعليق المحلول عليها ...وعمر عاد الي فريده ليعلق لها المحلول الذى سوف يعوضها القليل من الډماء التى تفقدها ....فنبضها الان سريع جدا وضغطها ينخفض بسرعه رهيبه...وتنفسها علي الجهه اليسري يكاد ان يتوقف...
مجددا تدابير القدر ترسم مصيرهم ..ليعود محمد ويفجع بما حدث ...ولكنه لمصلحة شقيقته التى يعشقها ضغط علي نفسه وتصرف كطبيب ماهر وساعد عمر بالمشوره والعمل...حتى انه تجاهل والدته التى مازالت لم تسترد وعيها وشاهد من بين دموعه محاولات الجيران لايقاظها...
لم يتمكن عمر او محمد من اقناعه بتركها بداخل سيارة الاسعاف الصغيره علي الرغم من محاولتهما الا انه رفض تماما ..عمر ومحمد نحيا المسعفين ليجلسا في الامام واستلما هما مهمة اسعافها حتى تصل الي المستشفي...
المسافه القصيره التى تفصل المنزل عن المستشفي لم تمكنهما من فعل المزيد ..الوقت ثمين للغايه واي لحظة تأخير قد تفرق في حياة فريده او علي الاقل تسبب لها مضاعافات خطيره مدى حياتها...دفعوا ترولي الاسعاف بقوه ولم ينتظروا مساعده من طاقم المستشفى ... فحياه فريده في خطړ ...وتحتاج الي التدخل الجراحى الفوري ....
شاهد محمد يغادر غرفة
العمليات علي عجل ...نهض اليه
بلهفه ومحمد اشار اليه ليلحق به في طريقه لا وقت للحديث المفصل ...قال علي عجل... فريده محتاجه ډم كتير ...محتاجين متبرعين ....عمر لحق به وهو يركض سمعه يخبره ... خلينا ناخدها من هنا ...شوف اكبر مستشفي في مصر ..او حتى هجيب طيارة اسعاف خاصه واسفرها بره ...
الله هيعرفوا يتصرفوا ... طيب خدوا دمى كله احنا نفس الفصيله ... انت هتتبرع وانا هتبرع لكن هى محتاجه اكتر بكتير ...هى هتاخد من عندهم واحنا هنعوضهم....
عندما ادرك عمر انه لن يستطيع تعويضها بدمه بمفرده كما كان يتمنى ... وقف امام بنك الډم الخاص بالمستشفي وصاح بأعلي صوته ... محتاج اكياس ډم كتير واللي هيتبرع هياخد 5000 جنيه ... ان كان لا يستطيع تصفية دمه لاخر قطره وضخه فيها لكنه يستطيع شراء الوقت لها ...لاول مره يدرك قيمة امواله ...
في لحظات تبرع الممرضين والعمال وتوفرت اكياس الډماء....الهمهمات انتشرت وتسابق الجميع لتوصيل الډم الي العمليات ...حتى اختبارات التطابق لم تستغرقهم وقت طويل كما يحدث دائما ....
رؤيتها وهى تبكى پألم مزقت قلبه ...اعاد نظره الي عمر الذي يبكى هو الاخر بدون توقف وحاول تقدير ما يشعر به من الم.. انه لمجرد ان حبيبته تبكى شقيقتها كان يشعر پألم بالغ...فما بال الذي حبيبته ټصارع المۏت ... ربما يؤلمه ضميره الان ففريده قد تكون يئست من الحياه وترفض ان تناضل لاجل حياه هو لن يكون فيها .. انهما اغبى زوجان علي وجه الارض وجدته معها حق ...لم يكن صراعهما سينتهى الا پوفاة احدهما .. جدته المسكينه لم تتحمل الصدمه واڼهارت تماما وتعرضت لذبحه صدريه عڼيفه عندما شاهدت طعن حفيدتها بعينيها ...
طعن فريده اسوء شيء تعرضت له العائله بلا منازع ولكن في اوقات الصدمات تظهر المعادن فخالته منى نسيت كل ما فعله محمد وكادت ان ټموت هى الاخري عندما علمت بما حدث لحبيبة قلبها فريده ..
ما افسده محمد بتهوره اصلحته فريده بدمائها وتجمعت العائله مجددا في محاوله للتماسك ...
الوقت غير مناسب اطلاقا لكنه يشعر بالاسي لانه اضطر الي صفع رشا ولكنه كان مجبر ...هل ستسامحه وتتفهم السبب سيحاول ان يواسيها ويمسح دموعها التى تلهب قلبه ..كانت لا تشعر بوجوده وكأنها في عالم اخر ..اقترب منها بصمت وكأنه يخشي ان يتدخل في لحظتها الخاصه ... مازالت لا تشعر به علي الرغم من اقترابه ..ما حدث اكبر من تحملها واكبر من اي كابوس سيء قد يراه احدهم ..جلس في صمت يراقبها فالانتظار قاټل وخصوصا حينما تنتظر المجهول وانت تعلم انه سيكون مظلم ...هو ومحمد فعلا كل ما في وسعهما ومنعا الكثير من المضاعفات ولكن العمليه خطيره جدا وتوقف قلبها عن العمل قد يكون اضر بجزء حيوى من جسدها ..ثم حملها الذي يشكل خطوره اضافيه علي حياتها ...مسكينه فريده لم تتهنى يوما بحياتها علي الرغم من الحب الذي يحمله عمر لها والذي يعلم انه اقوى من اي حب يعرفه ولكنها لم تستمتع به يوما ..لايدري لماذا عاند كلاهما القدر واخفيا حبهما الذي بسطوع الشمس ولكن تدابير القدر تحملنا الي اماكن لم نكن لنخطيها بإرادتنا ابدا...
نظره منه الي الوجوه الباكيه اعادته الي الواقع المرير ...كلما راوده الامل ان تتجاوز فريده المحنه ينظر الي والدته فيعلم ان قلبها لا يبشرها بالخير ... انها علي وشك فقدان عقلها تماما ...يسمعها تحدث نفسها وتلومها فهى السبب ..لولا انها استقبلت تلك الحيه لما كانت طعنت صغيرتها...عاد بذاكرته الي ايام مرض احمد ..التاريخ يعيد نفسه والالم نفسه يتكرر ...ان تشعر انك علي وشك فقدان شقيق او شقيقه شعور رهيب ..الكلمات تعجز عن وصفه ولكنه اقرب ما يكون الي فقدان جزء من روحك معه .. الانتظار يستنزفه وسيموت قبل ان تخرج فريده من العمليات ...فريده كتبت عليها
المعاناه وقدر لها الالم ...دفعت غاليا
ومازالت تدفع ..لو فقط تصمد وتتجاوز محنتها سيعبر لها عن حبه وامتنانه ..لطالما ساندته في كل شيء وكانت سندا له .. اهتمت بكل تفاصيله وكأنه ام اخري حظى بها ..لم تعامله هو او احمد كأشقاء بل اعتبرتهما اطفالها ..خۏفها ولهفتها عليهما كانت واضحه .. وتضحيتها لاجلهما لا يمكن نكرانها ابدا ...لديها من الحب والحنان ما يكفي العالم كله ...تعطى الجميع وتحرم نفسها من ابسط الاشياء... انحنى يقبل يد والدته بحنان والتى ازدادت شهقاتها مع احساسها به ...لا يملكون الا الدعاء الان فهى بين يدى الرحمن ...وما اقوى من دعاء ام تشعر انها علي وشك فقدان احد ابنائها ...مسح دموعها بأصابعه واخبرها وهو يتحلي بالصبر والامل ... ادعيلها يا امى ..دعواتك هى سكة نجاتها صوتها يكاد يكون مسموع البكاء استنزف كل قوتها ...فقط ساعه مرت منذ الحاډثه المشؤمه ولكنها كانت كأنها صړخت لايام بلا انقطاع وغادرتها روحها ..اصبحت كالامۏات ...صوتها الضعيف خرج يعبر عن العڈاب الخالص وهى تقول... تفتكر ممكن تعدى منها يا محمد ... حصلت قبل كده وشفت حاله زيها ... انا مؤمنه يا ابنى بقضاء ربنا لكن الانتظار مۏت محتاجه امل اتشعلق بيه ...قبلت كفيه وهى تترجاه پألم ... ارجوك يا محمد طمنى وقول انك شفت حالات زيها ... محمد اومأ برأسه
وهو يقول بأمل ... واصعب منها مېت مره ...الحمد لله الظروف خدمت فريده ...انا وعمر كنا موجودين والمستشفي قريبه وعمر وفر الډم في وقت قياسي ... صدقينى يا امى في الحالات الخطيره اللي بيقلل نسبة نجاحها بطىء الاجراءات ... والحمد لله فريده دخلت العمليات بعد ساعه تقريبا من طعنها...وهى في العمليات دلوقتى وفريده قويه وحامل ...هتناضل عشان خاطرنا ...عشان جنينها ..عشان عارفه ان عمر بيحبها وروحه فيها ولو استسلمت كلنا هنروح معاها ... اصمدى انتى كمان واتفائلي بالخير ...
ۏفاة والده كانت اول ازمه حقيقيه يمرون بها ثم مرض احمد والان طعن فريده ...السنوات الاخيره حملت الكثير من الالم والكثير من الامل ...لابد وان ينتهى الالم يوما ما وتمنى ان ينتهى اليوم ...ما يحدث هو تدابير الهيه لا يستطيع الاعتراض عليها حتى زواجه المتهور من نور ولكن الموقف الرهيب الان جعل خالته تحتضن نور وندا بكل قوتها وكأنها ادركت ان جميعنا في الدنيا ضيوف وان المغادره تكون فجائيه ولا تترك وقت للتمهيد.. ما فعلته