مذاق العشق المر بقلم سلمى المصري
عن اجوبة لا ولم ولن يهمها امره مطلقا فليكن ما يكن قالت صوفيا حين لم تجد ردا منه ايلينا مالك
بعد لحظات ردت ايلينا لتغير من دفة الحوار بأكمله وتقنع نفسه ان الامر لا يعنى لها اى اهمية بقولك صوفيا فكرتى فى اللى قولتلك عليه
ردت صوفيا فى ضيق لسة بفكر ايلينا الموضوع مش سهل ابدا
هزت ايلينا رأسها قائلة عارفة وعندى ثقة فى دماغك وتفكيرك خدى قرارك براحتك
وتبادلا بعدها حوارا قصيرا قبل ان توصى كل منهما الأخرى بنفسها خيرا وتنهيا المكالمة ظلت ايلينا تحتفظ بالهاتف فى قبضتها وهى تطرق به على كفها الاخر دون وعى وشعور بالڠضب والسخط على يوسف لا يمكنها السيطرة عليه او التخلص منه او حتى ايجاد مبرر له شعور لم يراودها نصفه حتى حين حدث هذا مع ريان خطيبها السابق ودون وعى سقطت دمعة منها انكرتها على نفسها ومسحتها على الفور اللعڼة لماذا تبكي ايضا من اين تداهمها تلك المشاعر ولمن والى اين تذهب بها لن تخضع لها ابدا وخاصة بعدما رأته منه بعد ان خرج من تلك الصورة التى حصرته فى اطارها حاولت ان تقنع نفسها انها صدمة طبيعية كصډمتها فى اى انسان تخيلته فى شىء غير حقيقته وربما اراحها هذا الاعتقاد كثيرا اطمئنت ان علي قد انتهى مما يصنعه وترك المطبخ الى غرفته فعادت بدورها الى غرفتها تمددت على فراشها ويدها تتسلل الى حجابها تنزعه لتطلق العنان لشعرها المثير يفترش وسادتها وهى تردد جينا من جديد
قالت ايلينا فى سخرية انت عمرك ما هتتغير ابدا هتفضل طول عمرك كدة مهما احاول معاك مفيش فايدة
زفر ريان فى ضيق قائلا يووه ايلينا انا فعلا اتغيرت كتير عشانك
قالت ايلينا وهى تكتف ذراعيها محاولة التحكم في غيظها من فشل محاولتها معه لاصلاحه هي ليست ثائرة من أجله بل من اجل روحها التي لم تألف الفشل ولم تعهده اتغيرت عشانى وانا قولتلك مش عاوزاك تتغير عشانى عاوزاك تتغير للصح عشان انت غلط لكن تكون معايا انسان ولوحدك انسان تانى وبعد فترة تقول هيا دى حياتى اذا كان عاجبك واضافت فى كبرياء لا ياريان انا مش هتحمل حياتك بكل هفواتها ونزواتها دى انا بدأت اقتنع فعلا ان الطبع بيغلب التطبع وان مفيش بنى ادم بيتغير احنا مع الوقت اللى بنتعود وانا مش ناوية اتعود ولا استسلم لطباعك دى
تنهدت قائلة يعنى تعتبر كل حاجة بينا انتهت والمرة دى بحد ومتحاولش تكلم بابا لان المرة دى فعلا مش ناوية ارجع عادت ايلينا من ذكرياتها لن تعيد تجربة ريان من جديد ولن تجازف بمشاعرها مع اى رجل وتوهم نفسها انها بامكانها تغييره فقد اقتنعت تماما انه لايوجد شخص يتغير فذاك مجرد وهم تخلقه مشاعرنا لنبرر فقط احتفاظنا بمن نحب فى حياتنا
خلع يوسف نظارته الشمسية واخذ يبحث بعينيه عنها فى المكان فوجدها هناك على احدى الطاولات المطلة على الشارع بجوار نافذة كبيرة تحتل الحائط باكمله زفر فى ضيق واتجه اليها وما ان رأته حتى رسمت ابتسامة واثقة على شفتيها ونهضت لتعانقه فاوقفها بكفه قائلا اقعدى مكانك انتى فاكرة نفسك فين هنا
كاد يوسف ان يجلس ولكنه توقف فى منتصف الطريق وانحنى اليها قائلا انتى بتتكلمى عربى كويس كدة من امتى
ابتسمت جينا وقالت وهى تعبث فى شعرها الاشقر وتلف احدى خصلاته على اصبعها انا بقالى سنة بتعلم عربى وحبيت اعملهالك مفاجئة
جلس يوسف وقال وهو يحاول التصنع بالهدوء انت ازاى تيجى شغلى من غير ما تعرفينى
ردت جينا فى تذمر وهى تشد خصلاتها كنت فاكرة ده هيفرحك مش هيخليك تعمل كدة
قطب يوسف حاجبيه وقال فى صرامة جينا الا شغلى اللى حصل ده ميتكررش تانى
اشاح يوسف بوجهه وزفر فى ضيق قائلا بصى يا جينا انا من الاول كنت صريح معاكى وقلتلك متستنيش اى مشاعر منى احنا كل اللى بينا علاقة عادية جدا بنتبسط فيها احنا الاتنين من غير ۏجع دماغ
عضت جينا على شفتها السفلى حتى كادت تدميها قائلة بس انا كنت فاكرة انك مع الوقت هتقدر تحبنى زى ما حبيتك كنت بقول يمكن مع الوقت اكون مميزة عن الباقيين
اخرج يوسف علبة سجائره واشعل واحدة واخذ ينفث دخانها فى بطء وهو يتمعن بها قائلا اسمعينى انا مفيش واحدة مميزة عندى وانتى عارفة كويس ان فى حياتى فيه كتير غيرك يعنى تقريبا فيه نسخة منك فى كل بلد بسافرها وهنا كمان فيه كتير جدا ومال الى الامام وهو يقول فى خبث بس ده ما يمنعش ان فعلا عندك ميزة وهيا اننا بقالنا اكتر من سنتين مع بعض واى واحدة غيرك مبتاخدش الوقت ده كله انا اتفقت معاكى من الاول جينا قلبك ابعديه عن المعادلة فمتجيش دلوقتى وتعيشى دور المخدوعة وعموما ملحوقة لو عايزة ننهى كل حاجة دلوقتى ننهيها والتقط علبة سجائره وهم بالفعل ان ينهض فأمسكت جينا بكفه وقالت فى حذر استنى
نظر يوسف الى كفها وابتسم فى ظفر وعاد ليجلس فى هدوء فتابعت جينا فى الم انا محدش حسسنى فى الدنيا انى رخيصة زى ما انتى حسستنى يا يوسف
هز يوسف رأسه قائلا هنعيده تانى يا جينا بعد اذنك وهم بالمغادرة بالفعل فضغطت على كفه اكثر وقالت طب حتى لو بالوضع ده توعدنى انى على طول هفضل موجودة فى حياتك
ابتسم يوسف وهو يضع كفه على كفها طول مانتى بتسمعى الكلام اه اوعدك
فقالت فى ترقب وهي تلقي بسؤالها التالي حتى لو فى يوم حبيت واتجوزت
ضحك يوسف ضحكة عالية وقال حبيبتى اطمنى انا لا هحب ولا هتجوز فريحى بالك واضاف وهو يشير بسبابته بس طبعا لو انتى اتجوزتى انا مش هيبقا ليا علاقة بيكى
سحبت يدها من كفه وقالت وانا لو اتجوزت هعرفك ليه من اصله مفيش واحدة متجوزة وبتحب جوزها تعرف حد عليه
ابتسم يوسف فى تهكم وقال لا فيه وفيه كتير كمان
قالت فى حيرة قصدك ايه
تنهد قائلا متشغليش بالك المهم زى ما قولتلك الوضع بينا هيبقا بشروطى واهمها ان اللى حصل النهاردة ميتكررش تانى ولو اتكرر قاطعته جينا فى خوف مش هيتكرر يوسف مش هيتكرر
اتسعت ابتسامة يوسف قائلا يبقا اتفقنا والتقط قائمة الطعام من على الطاولة قائلا ها تحبى تاخدى ايه
نظرت له وهى تتمعن به فى شرود قائلة اللى تحبه انت
لاتدرى ماالذى يفعله بها هذا الشرقى الغبى لقد قبلت منه مالم تقبله من اى رجل قط جينا ايقونة الفتنة والجمال التي يركع تحت قدميها المئات من امثاله تلهث خلف من يعتبرها مجرد نزوة ولا يخفى هذا بل يعلنه ويصارحها به ويهددها بالرحيل هكذا بكل بساطة لا يخشى ان يفقد جينا لقد ذابت فى سحره منذ زمن منذ ان التقته فى احدى رحلاتها سحرتها ابتسامته وملامحه الشرقية التى تجعله يبدو احيانا كأحد فرسان العصور الوسطى هى من طاردته مرارا وتكرارا حتى رضخت هى له فى النهاية وبشروطه قبلت ان تكون مجرد علاقة عابرة وهى تأمل ان تتعمق تلك العلاقة اكثر واكثر مع مرور الوقت ووقوعه فى سحر انوثتها التى لاتقاوم ولكن كأنه لايبالى بكل ذلك فكم دفعته لان يقترب منها كم دعته علانية لذلك ولكنه رفض وهى لم تفقد الامل بعد ستجعله يوما ما يرضح لها وحينها سيعرف حقا ان الابتعاد عن جينا ليس بالامر الهين ابدا
وقفت تراقبه من بعيد وهو يهتم بحوض زهوره كما اعتاد كل صباح منذ الطفولة وهي تعرف حبه لهذا الحوض المميز يرفض أن يقترب منه أي حدائقي ويصر أن يوليه هو كل اهتمامه تمنت لو أخذت مكان تلك الزهرة التي يتلمسها هناك في رقة كأنه يخشى على نعومتها من لمسة يديه لمسة لازالت تحفظ رقتها ودفئها منذ الطفولة حين كانا يلهوان سويا لمسة ضنت عليها أعرافه ودماثة خلقه من التفكير فيها حين شبت ونضجت وأصبح اقترابه منها بحدود تحبه ولا تعرف منذ متى تحبه دون أن تفكر في مشاعره تجاهها تحبه فقط دون النظر الى أي اعتبارات أخرى لا يهم أنها لم يكن لديها الفرصة لتعرف غيره لايهم ان لم يكن يشعر بها مطلقا الأهم هو أنه لم يعشق بعد وعمها يعدها بين طيات حديثه بين الحين والأخر انه لها وهي تعرف أنه لن يعترض فان لم يفعلها عشقا فسيذعن لأبيه برا ورفقا ابتسمت في نفسها وهي تتمنى ككل مرة تراه يهتم بزهوره ان تذهب اليه وتخبره بحبها الذي لا يشعر به بتاتا ويصر على وضعها في اطار الأخوة تنهدت وهي تراه ينصب قامته وينظر الى حوض الزهور الخاص به في رضا ايذانا بانتهاء عمله ابتسمت وكل ذرة من خلاياها تكرر اعترافها الذي أصبح كقسم تتلوه كل صباح قسم بعشقها اللامتناهي لزين الدين البدري
كانت ايلينا تدقق النظر فى حاسوبها طيلة الاجتماع الذى عقده يوسف بموظفينه ليناقش اخر الاستعدادات للموسم الصيفى الجديد حاولت تجنب نظراته بقدر المستطاع فعينيها كانت تعرف انها تحمل انفعالات تخشى ان يلحظها فهى تعرف جيدا انهما كتاب مفتوح يوشى دائما بكل ما يعتمل فى صدرها من مشاعر
ها ياجماعة نسمع اقتراحتكو قالها زين فى عملية وهو ينقر بقلمه على المائدة فانتبهت ايلينا ورفعت يدها تطلب الحديث فنظر لها يوسف نظرة سريعة قائلا اتفضلى
بادلته ايلينا نظرة خاطفة وبدأت تتحدث فى عملية قائلة احنا براند معروف للكل ويعتبر رقم واحد فى مصر بس الفكرة اانكو بتخاطبو فئة معينة من الناس وهى الطبقة الغنية لان الاسعار زى ما انا شايفة عالية جدا
عقد يوسف حاجبيه فى اهتمام قائلا ده طبيعى احنا خامتنا كلها مستوردة وعلى درجة كبيرة من الجودة وده بيدى ميزة لمنتجاتنا عن اى منتجات تانية
هزت ايلينا
كتفيها قائلة في عملية وليه
لازم تكون الخامات مستوردة فيه خامات مصرية بجودة عالية برضه
نظر يوسف الى زين وتنهد قائلا مش فاهم برضو قصدك ايه نشتغل بالمصرى
التقطت ايلينا ملفا امامها ومررته الى يوسف وهى تقول انا عملت دراسة عن الخامات المصرية المناسبة لشغلنا واخترت اجود الانواع واتأكدت بنفسى انها متقلش فى كفائتها عن المستورد واضافت وهى تدقق النظر فى حاسوبها وتضغط بعض الازرار عشان بس يكون الموضوع واضح انا بقترح نشتغل بالاتنين المصرى والمستورد ونعرف المستهلك ده طبعا المصرى اكيد هيكون سعره اقل ومناسب للطبقة العادية اللى بتمثل اغلب الناس فكدة كله هيقدر يلبس من البراند بتاعنا ومنتجاتنا هتكون انتشرت بشكل اوسع وهيكون لينا كمان السبق فى حاجة زى دى
لم يستطع يوسف ان يخفى نظرة الاعجاب وهو يقول فكرة عظيمة
تابع زين وهو يقلب فى الملف هيا هتبقا مغامرة باسم الشركة واضاف وهو يضيق عينيه قائلا في اعجاب بس الدراسة اللى انتى عاملاها مش متساب فيها ثغرة
القى يوسف نظرة على زين وعاد ينظر الى ايلينا قائلا بابتسامة هادئة البيزنس كله قايم على المغامرات هنبدا التنفيذ من بكرة
وتراجع فى كرسيه مضيفا ولو المغامرة نجحت هيبقا ليكى مكافئة خاصة ايلينا
لم تستطع ايلينا منع الحنق السجين بداخلها من التسلل الى نبراتها وهى ترسم ابتسامة ساخرة على شفتيها قائلة انا بقوم بشغلى ومش مستنية مكافئات
نظر لها يوسف فى دهشة منعته ان يرد عليها فى الحال فمن تظن نفسها لتحدثه بتلك الطريقة تنحنح زين حين شعر ان يوسف قد يفقد اعصابه من جملة ايلينا فقال مسرعا حد عنده اقتراحات تانية ولم يمهلهم فرصة للرد وهو يقول بينما ينهض الاجتماع انتهى تقدرو تتفضلو
انصرف الجميع وتأخرت ايلينا فى جمع حاجتها واغلاق حاسوبها ويوسف يتابعها فى حنق حتى لمح خروج اخر موظف من عنده وقبل ان تلحق به ايلينا اوقفها وهو يهتف فى صرامة استني عندك
الفصل الرابع
توقفت للحظات دون أن تنظر اليه وهي تعض على شفتها في غيظ فهي لاتطيق أن تنظر اليه مطلقا منذ أن رأته مع جينا ولا تطيق نفسها لضيقها هذا الذي تحاول اخفائه دون جدوى من يكون هذا المحتال ليقحمها في صراع كهذا من يكون ليستحوذ على بعض من اهتمامها بل كبريائها كأنثى يمنعها ان تعترف أنه يستحوذ على أكثر من بعضه بكثير تنفست فى عمق قبل ان تلتفت اليه وهى تحتضن حاسوبها الصغير قائلة خير
خطا تجاهها ببطء ممېت أراد به العبث بأعصابها قائلا فى لهجة قاسېة أشبه بوعيد الطريقة اللى كلمتيني بيها دي ما تتكررش تاني مفهوم
ضيقت ايلينا عينيها في تفكير وقالت غير عابئة به أنهي طريقة مش واخدة بالي ثم ابتسمت فى سخرية وقالت وهي تطرق بسبابتها على صدغها كأنها تذكرت اه قصدك عشان قولت اني مش مستنية مكافأة على شغلي هزت رأسها للحظات قبل ان تواصل فى تحد غريب هوا المفروض كنت قولت ايه خيرك مغرقنا ياسعادة الباشا ومكافئتى الحقيقية هيا رضاك عليا متأسفة التملق ده مش طبعي
حاول يوسف التظاهر بالهدوء فقد استفزته بالفعل فقال وهو يضع يده في جيب سترته ليمنع نفسه من صفعها وارتكاب اكبر حماقة في حياته بضړب أنثى للمرة الأولى قصدك ايه ان شاء الله ان الموظفين هنا بينافقوني
هزت ايلينا كتفيهاوقالت في بساطة والله انت ادرى بموظفينك واذا كنت انا شايفة انى مش محتاجة أعمل اللي هما بيعملوه ولا اقول كلامهم المفروض ان حضرتك محتاج لكل واحد بيشتغل هنا زي ماهما بالظبط ما محتاجين شغلهم فسوري يعنى محدش ليه فضل على التاني
لم يعرف يوسف حقا بما يرد عليها جرأتها في الحديث ألجمته طريقتها أعجزته عن الرد فلو في موقف آخر لطرد من يتكلم معه بتلك الطريقة دون أن يتناقش معه فيما فعله من الأساس ولكن هو في حيرة في أمره لما لا يفعل هذا بل في حيرة أكبر لماذا يهتم بمراقبة نبراتها وانفعالاتها عينيها اصرارها كل شىء فيها حتى أصابعها الطويلة الرفيعة وهي تدق على حاسوبها في رتابة وحين لم يصلها رد منه استدارت لتذهب حاول اغاظتها بأي شىء لن ترحل هكذا دون أن تأخذ نصيبها من استفزازه أوقفها في حزم قائلا مين سمحلك تمشي
عقدت حاجبيها واستدارت له قائلة فيه حاجة تانية
تصنع يوسف الڠضب وقال فيه إن قبل ماتمشي لازم تستأذني من مديرك ولا ده كمان بتعتبريه نفاق وتملق
صمتت ايلينا هذه المرة ولم ترد فأسعده هذا وهو ينظر اليها تقف كتلميذة معاقبة أمام معلمها وهو يجلس على طرف مائدة الاجتماعات ويعبث بقلم بين اصابعه مستمتعا بنظرات الغيظ فى عينيها وأخيرا أشار بقلمه قائلا تقدري تتفضلي
تنفست ايلينا في عمق شعر به أنها اخذت هواء الغرفة بأكمله في صدرها فلقد منعت نفسها بصعوبة من التقاط حاوية الأقلام أمامه وتلويحها فى وجهه أما هو فأخذ يراقبها وهى تبتعد بخطوات منزعجة سريعة وكأنها تركل الأرض بقدميها عوضا عن توجيه تلك الركلات له هو لم يتمالك نفسه بعد أن خرجت من اطلاق ضحكة عالية عابثة قطعها فجأة وهو يتساءل عما أصابه لماذا سمح لها بتحديه دون أن يطردها كيف هزت تفكيره بهذه الطريقة لا هو فكر فى الاحتفاظ بها فقط ليرد لها الصاع صاعين ويؤدبها على وقاحتها وبالفعل لقد تلذذ بمضايقتها لا يوجد انسان يتلذذ بمضايقة شخص ي ضړب على جبهته فى قوة أين ذهب به تفكيره إنها مجرد أنثى مجرد أنثى يا يوسف والأنثى فى حياته لاتشغل حيزا أكبر من حيز المتعة فقط أمه هى الاستثناء الوحيد وماتبقى من النساء كلهن سواء واعتصر ذهنه بالذكرى البعيدة برودة مشوبة پألم ضړبت اوصاله ألم اشبه بصڤعة افاقة ليثوب الى رشده كان لازما ليبقى حائلا بينه وبينها بل بينه وبين أي انثى
اجتمعت عائلة البدرى على العشاء كعادتها كل ليلة لحظات مرت من الصمت المطبق لا يقطعها سوى صوت دقات الساعة الأنيقة العملاقة في بهو القصر الواسع متناغمة مع ارتطام الأشواك بالأطباق الصينية الفخمة صانعة نغمة مملة قطعها زين بخفته المعتادة قائلا وحدوه يا جماعة ايه السكوت ده
ردد الجميع فى خفوت لا اله الا الله ابتسمت سمر وهي ترفع رأسها تتأمله في حب وهو لم يلحظها كالعادة فعادت تنظر إلى طبقها مجددا في خيبة أمل لحظتها سميرة فتنحنحت وهي تنظر الى محمود تخبره بنظرة ما رأته ليبتسم لها ويخبرها بنظرة أخرى أنه رأى كل شىء فابتسمت وهي تنظر الى الجميع قائلة أخبار الشغل ايه ياولاد
نظر زين الى يوسف وقال في حماس واضح اه صحيح يا يوسف شفت ايلينا النهاردة والفكرة اللى قالتها انا مش عارف أنت ازاى وافقت كنت فاكر انك أول حد هيعترض
وضعت سميرة كفيها تحت ذقنها وقالت وهي تتظاهر بالبراءة مين ايلينا دي
رد يوسف قائلا في اهتمام واضح وهو يشير بشوكته دي بنت اشتغلت معانا من فترة ذكية جدا وعندها خبرة كبيرة رغم سنها الصغير النهاردة عرضت عليا فكرة عمرها ما جت فى بال حد وأنا واثق انها هتنجح وأكمل يوسف حديثه عنها في حماس وهو يستعرض فكرتها ويشرحها بالتفصيل بينما تتابعه سميرة فى سعادة وتختلس النظرات الى محمود بين الحين والاخر بحوار لا يفهمه غيرهما وحين انتهى يوسف قال محمود في اعجاب والله بنت هايلة الفكرة كويسة وهتخلى منتجاتنا تاخد فرصة أعلى في التسويق
اخذت سميرة تعبث في طبق السلطة الخضراء أمامها وقالت بس أول مرة يا يوسف اشوفك بتتكلم على ست بالحماس ده ونظرت له فى تمعن لتضيف كنت على طول بتشوفهم مينفعوش فى حاجة
ارتبك يوسف وتباطىء في مضغ طعامه وهو يبحث عن رد مناسب حتى ازدرده دون ان يكمل مضغه وهو ېكذب ما رأته أمه عن أي حماس تتحدث قال زين بابتسامة وباعجاب يشوب نبرات صوته هيا تستاهل بصراحة هايلة جدا بنت ممتازة غصت سمر بطعامها فلم يلحظها زين كالمعتاد واحمر وجهها خجلا حين وجدت سميرة تلاحظ ما هي فيه وتشير لها برأسها أن تتناول كوب الماء أمامها فأخذته لتسكبه بأكمله في جوفها في توتر للمرة الأولى تلحظ نبرة اعجاب في صوت زين وهو يتحدث عن فتاة عليها أن تتحرك قبل أن يضيع منها للأبد أما يوسف فلا يعرف لما تضايق من وصف اخيه وأنكر هذا الضيق على نفسه وحاول اخفائه بكل طريقة متظاهرا بتناول طعامه ولكن كاميرتي المراقبة الخاصتين بأمه كانت تسجل كل شىء في دقة وتخزنه في سلاسة وسعادة تملؤها أن ولدها بالفعل اخذ اول خطواته فى الطريق الذى تتمناه فيه وأن هناك من تمكنت من تحريك أي شىء ولو قليل من اهتمامه حاول يوسف تغيير دفة الحوار بأكمله قائلا أومال فين ايتن
ردت سميرة وهي تهز رأسها في ملل بقالها ساعة بتتكلم فى التليفون برة في الجنينة
نهض محمود قائلا أنا هطلع اشوفها وبالمرة أشرب قهوتى في الجنينه
كانت ايتن تتحدث فى الهاتف بصوت منخفض نسبيا وأقرب للهمس حين وجدت حسام يقف أمامها فجأة انتفضت فى هلع وكاد الهاتف يسقط من يديها لولا ان التقطته فى اللحظات الاخيرة رفع حسام كفه وقال في اعتذار أنا آسف خضيتك مكنش قصدى
نظرت له ايتن وهي تزفر في ضيق قائلة عادي بقا ولا يهمك
حك حسام رأسه في خجل معتاد وهو يحاول أن يبحث عن كلمات ليقولها ويفتح ثغره ويغلقه كل لحظة وهو يقول اااا انتي انتي كويسة
تأملته ايتن فى حنق وهي تضغط الهاتف بيدها قائلة اه أنا كويسة وكتفت ذراعيها في انتظار ما يريد قوله حتى زفرت فى نفاذ صبر قائلة حسام انت عاوز حاجة
عدل حسام من وضع نظارته على وجهه كعادته ان توتر وقال هاااا لا ابدا مش عاوز حاجة
ردت بصوت مرتفع ينم عن ڠضبها أومال واقف هنا ليه
تراجع حسام فى احراج قائلا انتي متضايقة اني واقف معاكي
مررت ايتن يدها على وجهها كمحاولة لتهدأ وقالت حسام احنا عايشين فى بيت واحد وبنشوف بعض كل يوم وانت واقف قدامي بقالك ربع ساعة ومش عارفة انت عاوز ايه وانا بصراحة عايز اكمل مكالمتي ممكن
تنحنح حسام فى احباط كلما حاول الاقتراب منها أبعدته في قسۏة نعم أمامها يرتبك أمامها فقط تظهر خبرته الضئيلة في التعامل مع النساء أمامها يفقد صرامته المعتادة التى ټرعب موظفينه أمامها
لا يعرف ماذا يقول بل